يا بلادي .. يا بلادي .. أنا بحبك يابلادي

Friday 12 August 2011

مشهد مَهيب


في حوارٍ لي مع صديقٍ مُقرَّب حول ما يدور بمصر من أحداثٍ وتداعياتٍ لثورتنا المجيده ، تطرقنا لمحاكمة الرئيس المخلوع وما بهامن معانٍ ودلالات واضحة تفسر نية المجلس العسكري وتَوَجُهه، بل ورأينا في تلك المحاكمةِ أيضا شفاءاً - جزئي -  لغليلٍ مشروع لأهالي الشهداء  والمصابين بل وللمصريين أجمعين جراء ما اقترفه ذاك الطاغيه هو وحاشيته في حقنا طيلة ثلاثة عقود .

 فمن مِنّا لم تختلجه مشاعر شَتّى أثناء مشاهدته لتلك المحاكمه !!!
أزعُم أن غالبيتنا العظمى قد إنتشت برؤية الظلم مذلولا والحق منصورا والعدل قائما
 وبعضٌ منا قد اعتلته مشاعر فاتره بين اللين والقسوه
وآخرون وهُم قِلَّه انتابتهم عاطفة ٌساذجةٌ  بلهاء لا مُبرر لها تجاه مَشاهد سخيفه أبى ذلك العجوز المخادع إلا وأن يلعبها حتى وهو في محبسه كي يستميل تعاطف البعض .

وبينما أنا وصديقي هذا نستطرد في الحديث فإذا به يصعقني بخاطرةٍ
 اهتز لها كياني واقشعر لها بدني بل وأفقدتني النطق لوهله "

لقد أخبرني أن خاطرته تلك قد وردته أثناء مشاهدته للمحاكمه , فقد عَقَدَ محاكاةً بين محاكمة الرئيس المخلوع وزبانيته
وتلك المحاكمة " العظمى" التي سنخضع فيها جميعا للحساب 
إنها محاكمة يوم الحشر- ولله المثل الأعلى –

 لقد رأينا جميعا في المحاكمه مشهداً - إعتقدناه -  مهيبا لذلك الفرعون وهو طريح ٌ لفراشِ مرضه حبيساً هووبعض من أعوانه الذين عثوا في الارض مفسدين يقفون خلف قضبان ٍ حديديه لطالما أسرونا خلفها ,  لقد ظنَّ البعض  أن هذا المشهد لن يكون , ولن يحدث بل وصل الظن قبلها ببضعة أشهر أن هذا الطاغوت لن يسقط نظامه أبدا !!!!!!
 فهاهو ذا قابعٌ في محبسه يرد على القاضي في ذِلَّةٍ ومَسكَنه " أفندم .. أنا موجود " . – سبحانك –
" قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير " ( آل عمران : 26)
هذا المشهد ليس فيه من المهابة شيئا بل هو النهايه الحتميه للظلم والقمع والفساد وكبت الحريات والإجرام .

وحين تدبرت خاطرة صديقى ..  آمنت بروعتها ومدى واقعيتها وأدركت وجه الشبه القياسي – مع الفارق الشاسع – بين محاكمة المخلوع ومحاكمة الله لنا يوم القيامه - إن جاز التعبير- ولله المثل الأعلى -

* كلتا المحاكمتين بهما قاضٍ – ولله المثل الاعلى-


* كلتا المحاكمتين بهما مذنبون
 حقيقةٌ هيَّ أننا لسنا بمجرمين كالمخلوع ولكن مَن منا لم يجرم بحق نفسه او غيره او بحق من حقوق الله .

* كلتا المحاكمتين بهما شهود " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون "
( النور : 24 )

* المذنب في كلتا المحاكمتين سينكر
فِعلته لكنه سبحانه " يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور "  ( غافر : 19 )


* كلتا المحاكمتين ستنتهي بجزاءٍ – حتماً -
أسأل الله أن يوفق هذا القاضي وأن يلهمه  عدلاً من عنده فيحكم بما يرضاه الله لهؤلاء المجرمين وعاقبتهم عند الله  في الآخره
وأسأل الله لي ولكم الفردوس الأعلى فهوالرحمن الرحيم

هل نذكر جميعا تلك اللقطة السينمائيه حين يدخل القاضِ قاعة المحكمه ويصرخ الحاجب قائلاً " مَـــــــــحــــــكــــــــمه " فيفزع الحاضرون جميعا ويقفون احتراماً وإجلالا ً; لا لشخص القاضي ولكن لرمزيته
 وتَمَثُّل العدالة فيه وحينما يستقر على مقعده تتحول اللقطه لِتَعلو خلفَ مَنَصَّته وتستقر مُسلَّطةًً على لافتةٍ لطالما ازدانت وتزينت بمقولةٍ رائعة إنها " العدل أساس المُلك "

 فإن كان العدل أساس المُلك.. فأنَّى لغيره المُلك وهو العدل مالك المُلك إنه الحكم العدل
; العدل ذاته وأهله دون غيره


 وإن كان الناس يقفوا إحتراما واجلالا لرمزية القاضي وتَمَثُّل العدالة فيه فكيف الحال برب القاضي
 إنه الله العَـلــــــي
الكبير القوي العزيز الحَكم العدل الجبار
 هوَ مَن هوَ الذي ليس كمثله شئ
 
"هو الذي إستأثر بكمال الذاتِ والصفاتِ "– وحده –
 وكيف لي – أصلا - أن أتحدث عنه جلَّ جلاله ما أعظم شأنه
 فكيف لنا يومئذ أن نكون في حَضرتِه – جلَّ وعلا – إنه لمشهد جَلل حقاً.


* خلاصة القول :
 لم أروِ لكم تلك الخاطره للإعتبار والعظةِ فحسْب بل لِنُحسن الظن بالله و "يترسخ يقينُنا بعدله .. في الدنيا قبل الآخره" وأنه ليس
بغافل  - حاشاه أن يكون غافلا" - وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ُ ( إبراهيم : 42 )
وإنه يمهل ولا يهمل ... يمهــــــــــــــل ولا يهمل
 لكن يبدو أننا نسينا الله فأنسانا أنفسنا وساء ظننا به  
"وماقدروا الله حق قدره"
( الزمر : 67 ) فأبى عزوجل أن يعاملنا بقدرنا وعاملنا بقدره وبرحمته وأرانا في ذلك الفرعون وقومه عجائب قدرته.


 * قال تعالى : " لهم خِزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذابٌ عظيم " ( المائده : 33 ) 
لقد أهلك الله الظالمين بظلمهم فماذا عنّا نحن ؟؟
 أما آن لنا أن نتعظ وننجي أنفسنا وأهلينا ؟؟

* يومها
.. رددنا جميعا " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" ( غافر : 16 )
 ولم ننتبه أن الله سيقولها ساعة تفنى الدنيا حين يشرع سبحانه في حسابنا فهل أعددنا أنفسنا لذلك اليوم العظيم ؟؟" يوم لاينفع مالٌ ولا بنون "
 ( الشعراء : 88 ) "
 يوم يفرُّ المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبَنيه " ( عبس :34 , 35 ,36 )

 أدعو الله أن يرزقني وإياكم حُسن العمل والخاتمه وأن يرزقني الهدى والتُقى والصبر و العفاف والرضا
فلنعمل إذَن ليومٍ سيكون فيه المشهدُ حقا مَـــــــــــهيب .

محمد ممدوح                                                                                 























No comments: